خليل الكافر
خليل الكافر ( الأرواح المتّحدة / جبران خليل جبران ) :
خليل الكافر ( الأرواح المتّحدة / جبران خليل جبران ) :
قدم الشتاء بثلوجه و عواصفه. و خلت الحقول و الاودية الا من الغربان الناعبة و الاشجار العارية ..فلزم سكان تلك القرية اكواخهم بعد ان أشبعوا اهراء الشيخ عباس من الغلة و ملأوا آنية من عصير الكروم و اصبحوا لا عمل لهم...يفنون الحياة بجانب المواقد متذكيرن مآتي الاجيال الغابرة مرددين على مسامع بعضهم حكايات الايام و الليالي.
انقضى كانون الاول (ديسمبر) و قضى العام العجوز متنهدا انفاسه الأخيرة قي الفضاء الرمادي. و جاءت الليلة التي يتوج فيها الدهر رأس عام الطفل و يجلسه على عرش الوجود.
توارى النور الضئيل .. و غمرت الظلمة البطاح و الاودية و ابتدأت الثلوج تنهمر بغزارة ..و العواصف تصفر و تتسارع ملعلعة من اعالي الجبال نحو المنخفضات حملة الثلوج لتخزنها في الوهاد فترتعش لهولها الاشجار و تتململ أمامها الارض فمزجت الارياح بين ما تساقط من الثلج في ذلك النهار و الساقط منه في تلك الليلة حتى اصبحت الحقول و الطلول و الممرات كصفحة واحدة بيضاء يكتب عليها الموت سطور مبهمة ثم يمحوها و فصل الضباب بين القرى المنثورة على كتفي الوادي و توارت الانوار الضئيلة التي كانت تشعشع في نوافذ البيوت و الاكواخ الحقيرة و قبض الرعب على نفوس الفلاحين ...و انزوت البهائم بقرب المعالم و اختبات الكلاب في القراني و لم يبقى سوى الريح تخطب و تضج على مسامع الكهوف و المغاور فيتصاعد صوتها الرهيب من اعماق الوادي تارة و طورا ينقض من أعالي قمم الجبال فكأن الطبيعة قد غضبت لموت العام العجوز فقامت تاخذ بثاره من الحياة في الاكواخ و تحاربها بالبرد القارس و الزlهرير الشديد..
ففي هذه الليلة الهادئة و تحت هذا الجو الثائر ..كان فتى في الثانية و العشرين من العمر يسير على الطريق المتصاعدة بتدرج من دير قزحيا ( هو اغنى و اشهر دير في لبنان) الى قرية الشيخ عباس و قد أيبس البرد مفاصله و انتزع الجوع و الخوف قواه و اخفت الثلوج ثوبه الاسود كأنها تريد ان تكفنه قبل ان تميته..فكان يخطو الى الامام و الارياح تصده و ترجعه الى الوراء كأنها أبت ان تراه في منازل الاحياء.. و تتشبت الطريق الوعرة بقدميه فيسقط ثم ينهض ثم يصرخ باعلى صوته مستغيثا ..ثم يخرسه البرد فيقف صامتا مرتجفا فكأنه العناصر المتحاربة كالأمل الضعيف بين اليأس الشديد و الحزن العميق أو كعصفور مكسور الجناحين سقط في النهر فحمله التيار الغضوب الى الاعماق ...
و ظل الشاب سائرا و الموت يتبعه حتى خارت قواه و انحطت عزيمته و تجمدت الدماء في عروقه فارتمى على الثلوج ....و صرخ صوت هائلا هو بقية الحياة في جسده ..صوت خائف قد رأى خيال الموت وجها لوجه ...صوت منازع قانط اتلفته الظلمة و قبضت عليه العاصفة لترتمي به الى الهاوية..صوت محبة الكيان في فضاء العدم...
ترى ما هو مصير خليل الراقد فوق الثلوج التي غطت كل جسده هل سيفارق الحياة!! ام ان يدا ستمتد اليه و تساعده!! و من صاحب هذه اليد يا ترى!...
احداث شيقة لا زالت في انتظاركم في قصة خليل الكافر انتظروها في الجزء الثاني...يتبعانقضى كانون الاول (ديسمبر) و قضى العام العجوز متنهدا انفاسه الأخيرة قي الفضاء الرمادي. و جاءت الليلة التي يتوج فيها الدهر رأس عام الطفل و يجلسه على عرش الوجود.
توارى النور الضئيل .. و غمرت الظلمة البطاح و الاودية و ابتدأت الثلوج تنهمر بغزارة ..و العواصف تصفر و تتسارع ملعلعة من اعالي الجبال نحو المنخفضات حملة الثلوج لتخزنها في الوهاد فترتعش لهولها الاشجار و تتململ أمامها الارض فمزجت الارياح بين ما تساقط من الثلج في ذلك النهار و الساقط منه في تلك الليلة حتى اصبحت الحقول و الطلول و الممرات كصفحة واحدة بيضاء يكتب عليها الموت سطور مبهمة ثم يمحوها و فصل الضباب بين القرى المنثورة على كتفي الوادي و توارت الانوار الضئيلة التي كانت تشعشع في نوافذ البيوت و الاكواخ الحقيرة و قبض الرعب على نفوس الفلاحين ...و انزوت البهائم بقرب المعالم و اختبات الكلاب في القراني و لم يبقى سوى الريح تخطب و تضج على مسامع الكهوف و المغاور فيتصاعد صوتها الرهيب من اعماق الوادي تارة و طورا ينقض من أعالي قمم الجبال فكأن الطبيعة قد غضبت لموت العام العجوز فقامت تاخذ بثاره من الحياة في الاكواخ و تحاربها بالبرد القارس و الزlهرير الشديد..
ففي هذه الليلة الهادئة و تحت هذا الجو الثائر ..كان فتى في الثانية و العشرين من العمر يسير على الطريق المتصاعدة بتدرج من دير قزحيا ( هو اغنى و اشهر دير في لبنان) الى قرية الشيخ عباس و قد أيبس البرد مفاصله و انتزع الجوع و الخوف قواه و اخفت الثلوج ثوبه الاسود كأنها تريد ان تكفنه قبل ان تميته..فكان يخطو الى الامام و الارياح تصده و ترجعه الى الوراء كأنها أبت ان تراه في منازل الاحياء.. و تتشبت الطريق الوعرة بقدميه فيسقط ثم ينهض ثم يصرخ باعلى صوته مستغيثا ..ثم يخرسه البرد فيقف صامتا مرتجفا فكأنه العناصر المتحاربة كالأمل الضعيف بين اليأس الشديد و الحزن العميق أو كعصفور مكسور الجناحين سقط في النهر فحمله التيار الغضوب الى الاعماق ...
و ظل الشاب سائرا و الموت يتبعه حتى خارت قواه و انحطت عزيمته و تجمدت الدماء في عروقه فارتمى على الثلوج ....و صرخ صوت هائلا هو بقية الحياة في جسده ..صوت خائف قد رأى خيال الموت وجها لوجه ...صوت منازع قانط اتلفته الظلمة و قبضت عليه العاصفة لترتمي به الى الهاوية..صوت محبة الكيان في فضاء العدم...
ترى ما هو مصير خليل الراقد فوق الثلوج التي غطت كل جسده هل سيفارق الحياة!! ام ان يدا ستمتد اليه و تساعده!! و من صاحب هذه اليد يا ترى!...
احداث شيقة لا زالت في انتظاركم في قصة خليل الكافر انتظروها في الجزء الثاني...يتبع
تعليقات